حبيبتي تحب قراءة الفنجال ..
حدثتني يوماً عن أمنية ..
و قالت : هناك أمنية لم تحققها لي .
قلت : و ماهيَّ جميلتي .
قالت أنت لا تدعني اقرأ لك فنجالك
قلت أنا : لا أهتم و لكن لكِ ذلك ..
و في ذلك الصباح أنهيت قهوتي فأسرعت
لكي تقرأه . أخذت ذلك الفنجال الصغير و تأملت
فسكتت و سكنت و وضعت يدها على فمها ثم قالت :
أعوذ بالله من سوء ذلك الطالع .
قلت : و عن أي طالعٍ تتحدثين ؟
قالت : سنتك هذه مليئة بأحداثٍ كثيرة و شيقة
قلت ثم ماذا ؟ قلت ستجني بها كساداً بعلاقة !!
قلت : و أيها ؟ مع أصدقائي أم في العمل ؟
قالت : لا يا ابن الجوزاء إنه كساداً بيني و بينك و فساداً بعلاقتنا .
قلت : أعوذ بالله من ما تقولين و من خرفاتٍ لا أؤمن بها ثم إني بالله أمنت و به احتسب و ما أصابني من الأقدار فهو مقدرٌ لي في كتابي قبل و لادتي ،
قالت : و سترضى الفراق
قلت : أعوذ بالله من صباحٍ أفيق به و أنتِ بعيدةٌ عني .
قالت : و الأقدار ؟ قلت : بها مؤمن
قالت : و مالذي سيفرقنا ؟
قلت : قدر
قالت : و هل ستحارب من أجل أن لا نفترق ؟
قلت : سأحارب ، سأكون عدوٌ لدود للفراق .
قالت : إلى أي حد ؟
قلت : بكل ما أملك .
قالت : و ماذا ستفعل دوني ؟
قلت : لا أطيق استجوابك و لكني سأجاوبك ،
أعوذ بالله من صباحٍ أفيق به و أنتِ بعيدةٌ عني
ثم أعوذ بهِ من ليلاً لا أسمع بهِ صوتك .. ثم إنني أحبك
حتى و إن افترقنا .
قالت : أولست أنت من يقول في كتاباته " أن الدنيا لا تقف على أي شخص " ؟
قلت : نعم قلت ذلك ، الدنيا لا تقف على بشر فأنتِ تعيشين لتجنين ثمره لتعيشين الخلود ، أيضاً حبيبتي هناك بشر يكونون علامة فارقة بحياتنا و سنتألم إن فارقناهم ، سيصيبنا الأرق و سوف نسهر الليل و حيدين ، ستتمزق قلوبنا و تتبعثر أجزائها ، ستستيقظ بالليل فزعاً لأنك حلمت بأنك تلامس يدين من تحب ، تفقد شهيتك للدنيا و تسير ببطئ و لا يدهشك تسارعها العجيب ، يكره الفاقد الليل لأنه كان موقد اجتماعهم و تنهش أحلامه رمادية الصباح فشمسه تشرق بلا ألوان ، سوف يتكاسل عن تحقيق أحلامه و عن إكمال طريقها ، علاقاته مع الآخرين ستصاب بالفصام فاليوم الذي تصيبه ذكرى سيكون سيئ المزاج و ملازماً لصمته القاتل و لديه روتين ممل .
قاطعتني ، ماذا تقصد بالبعثرة ؟
قلت : هو كان يصبح عليها و إن خرج بعيداً عنها يخاطبها و لا يملُ حديثها و إن عاد أكرمها غزلاً ، العاشقون لا يملون عِشقاً و لا ينتهون بل يزيدون و يزيدون ، هم لا يفكرون بالفراق و يكثرون من كلمة " أحبك " و يتخذون من الأحضان أفعالاً للحب ، البعثرة هو أن يصبح فاقداً لكل ذلك يصبح هي بباله و لكنها ليست بجانبه و إن خرج يكتسي هاتفه الصمت لا يرن كثيراً كسابق عهده و يعود ليكرم نفسه بدموع وحدته ، هو لا يحتضنها إنما يجد نفسه محاطاً بذكرياتها أعظمها هداياها و تِلك الورود الذابلة التي كانوا يتهادون بها كل حين و أقلها الوقت ،
قالت : و ماهو الوقت من الذكريات ؟
قلت : الوقت هو ثمرة التعود القاتلة ، تعود أن تكون هي الصباح و المساء تعود أن ينتهي من صلاته فيرفع هاتفه ليتصل بها هو لا يشعر بذلك الأن و لكن بعد كل ظهر يرفع هاتفه فيتذكر أنها ليست معه و يتألم .
قالت : أهو موجع ؟
قلت : قطعاً موجع و مزيداً من الدموع .
قالت : و الصور ؟ هل يحتفظ بها من يحب ؟ أم يحرقها ؟
قلت : بعضهم قوي يحرقها فيقتل نفسه و قوته .
قالت : و الضعيف منهم ؟
جاوبت : يحاول دائماً حرقها ليشتد عوده و لكنه لا يستطيع لأنه في كل مرةٍ يراها يبتسم .
قالت : و متى ينتهي ذلك ؟ متى ينتهي الوجع ؟
قلت : هو يختلف من بشرٍ لآخر ، فمدة العلاقة و حجم عشقه و قوة قلبه ، سيصاب بعضهم بمرض و سترتفع حرارة بعضهم و سوف يقف سريعاً أصحاب القلوب القوية .
قالت : و كيف يكون يومه ؟ أظنه روتين قاتل ؟
قلت : هو كذلك ممل جداً و طويل .
قالت : لماذا يحب وهو يعلم أن هناك فراق ؟
قلت : يصبح الأنسان في فترة من الزمن يحتاج الحب و لا يفكر بالفراق ، يبحث دوماً عن الأهتمام ، قد يقابل يوماً من يحب ويحبه وهو لا يوافق هواء أفكاره وقناعاته قد يكونون يختلفان بأشياءٍ كثيرة و لكن الحب لا ينزل بالاختيار هو يلقى في قلبك و أنت لا تعلم ذلك ، أنت ستعرف أنك أحببت فقط و ستحب ذلك لن تبحث عن الفروقات و الاختلافات ستكسران كل القناعات ستحبثانِ عما يجمعكما وما تتشابهانِ به و سيعم الإتفاق أجواء محبتكم ، أيضاً من يحب ويبدأ ذلك لن يفكر في كيف هي النهاية و إلى أي حدٍ سيصلان قد يفكر أحدهما قبل أن يسمح لقلبه بالإندفاع و يقف . قاطعتني !
و قالت : بل أنا فكرت في ذلك .
قلت : و ما هي نتائج تفكيرك ؟
قالت : لم تكن هناك نتائج بعد أن كثرة الاحتمالات توقفت عن التفكير بالنهاية لأنك زاحمت تلك الأفكار حتى أزحتها عن عقلي ، أعجبتني حين ملأت عقلي بك كما هو قلبي لم أحب أحاديث النفس تلك لقد شرعت بحبك و بإندفاع و لم أتوقف و لن أكتفي بك و منك ، أحببتك كما أريد و كما كنت أحلم ، أحببتك اكثر من ذلك ، هل تعلم أنا لا أتوقف عن حبك و عن إلتهام حبك ، أيضاً يجب أن تعرف أنني لا أكاد أجد حجماً لحبك .. حبك غالباً لا يوصف ، قرأت من كتاباتك القديمة و كتاباتك الحاضرة لكي أجد وصفاً تحبه أنت و لم أجد ، قرأت كثيراً من الروايات لأجد وصفاً و لم أجد ، سأخبرك شيئاً لا تحبه . تمنيت إنني ولدت في نفس يوم ميلادك لأكون بنتاً لبرج الجوزاء أتشابه بصفاتك ، أعلم أنك لا تؤمن بذلك و لكني تمنيت ذلك ، تمنيت لو أن بيدي الأمر لأتوجك ملكاً على عرش هذه الأرض .. توقفت قليلاً ثم قالت : أكمل أيها القاسي !
قلت : ضعيفاً أمامك ، أنا أحبك !
قالت : أنا احبك أكثر من ما تتخيل و أبلغ من ما أصف و أعشق ذلك .. أكمل لا تتوقف .
قلت : ضيعتني أين كنت ؟ وجهك الباسم أفقدني عقلي و اشتهي تقبيلك .
ابتسمت خجلاً و قالت : إن لم تكمل سأمنعك من ذلك و كنت قد توقفت أن من يحب لا يفكر في النهاية .
أكملت قائلاً : من يحب لا يفكر في النهاية هو يريد الأبدية و يعشق خلود حاله ولا يتمنى أن يتغير حاله إلا زيادةً في حبه و ثمالةً في عشقه ، من يحب ينسى أن يدعي لنفسه في سجوده كل دعواته لمن أحب و لخلود من أحب ، من يحب يدعي بأن تكون الجنة سكناً لهم و يدعي بقصورٍ من ذهب و أواني من فضة و لا يذكر الحور العين ، من يحب حقاً سيكون وافياً لن يشده أحد غير من أحب هو بالأصل لا ينتبه للآخرين ولا يلقي لهم بالاً ، الوفاء ليس للرجال و لا للنساء الوفاء مرتبطاً جداً بالحب ذو الإخلاص الصادق النابع من كل قطرة دم موجودة في القلب و كل خفقة حياة يقوم بها القلب ، الحب حياة لا يمكن وصفها جميلة جميلة جداً بكل جزء من أجزائها .
قالت : و ما أجزاء الحب ؟
قلت : الحب جزئين رئيسين ، طرفا الحب و ما يقدمانه ، الحب و الوفاء و التضحية و الاهتمام هي أشياء يتقاسمانها و يقدمونها لبعض .
قالت : الحب مسلمٌ للقلب ام للعقل ؟
قلت : القلب دائماً هو الجانب المتهور في الحب ، قد يقدم من يحب على شيئاً من الجنون لأن قلبه أملا عليه ذلك ، أم العقل هو الجانب المتزن في الحب ، هو دائماً الجانب الذي يغلّب الخوف على التهور هو من يزن تصرفات من يحب ، أيضاً العقل قد يكون إندفاعياً فيلازم القلب في قراراته .
قالت : و مالأفضل بينهما ؟
قلت : قلب يحكمه العقل ! أم لكِ رأياً أخر ؟
قالت : أنا أوافقك فالعقل متزن وهو دائماً يأخذ الأمور من أوسطها ، لكن أحياناً نحتاج أن لا نلتفت للعقل و نعطي القلب الشارة الخضراء للجنون .
قاطعتها قائلاً : حب لا يكون الجنون رايةً له يفقد حماسته و يكون روتيناً قد يمله طرفاه .
قالت : وصفت الفقد بقسوه و وصفت الحب بجنون ، متى فكرت في ذلك ؟
قلت : لم أفكر ، أنتِ غبتي عني أياماً و رأيتُ ذلك في أم عيني .
قالت : بتلك القسوة ؟
قلت : إن لم يكن فهو أشدُ قسوة .
قالت : قلبك ضعيف حبيبي ؟
قلت : يبدو كذلك
قالت : أحبك و أعوذ بالله من يوماً تشعر بألماً يضنيك .
..
نمت !!
و أصبحت ذات يوماً فاقدٌ لها و أشعر بتلك القسوة ، ليتها أمامي لأصف لها شعوراً أشدُ قسوةً من ما وصفته لها ، كان حديثاً و اليوم شعوراً قاسياً يهتك ستر قوتي ، أصبحت أنا ذلك الضعيف الذي وصفته الذي لا يطيق حرق ذكرياتها و صورها ، أنا حين أراها ابتسم و أشعر أنني أحبها حتى هذه اللحظة مع كل صورة أقول لها أحبك حتى هذه الوقت و أعوذ بالله من قراءة الفنجال و من سوء طوالعه و كم أكره تِلك الذكرى و ذلك الصباح الذي قرأت بهِ فنجالي و أزيد !
أشرب قهوتي كل صباح مع أنني أكرهها و لكنها هي التي تغرقني في ذكرياتك نعم أنا ذلك الضعيف الذي لا يقدر نهض جسمه و قلبهِ من جديد و أكره روتين يومي الممل و المساء و وقت الظهر أيضاً .
وصلتني منها رسالة قائلة : " أخبرك أنني أحبك و كرهت قراءة الفنجال و أتمنى أن تكون أحرقت ذكرياتي .. أتمنى أن تكون ذلك القوي الذي وصفته يوماً لي و أحب أن أخبرك أنني أمقتُ وقت الظهر و أحبك " .